لمحة تاريخية عن تسمية تمسمان

إن مصطلح تمسمان يشوبه الكثير من الغموض، كما هو الشأن بالنسبة لمصطلح الريف الذي تناولته المصادر باصطلاحات مختلفة تدل في معظمها على مظاهر الخصب وغنى الحياة الحضرية التي كانت تنعم بها هذه البلاد، إذ غالبا ما يتواتر ذكر بلاد الريف في كتب التراجم والمصنفات الجغرافية على المنطقة الساحلية الممتدة من أحواز تلمسان إلى كورة طنجة، كما قيل أن الريف هو مقارب الماء، وبالتالي فهذا المصطلح له علاقة تامة مع مصطلح تمسمان، الذي ترجم إلى اللسان العربي فأصبح يحمل اسم الريف.


فا مصطلح تمسمان ظل مستعملا منذ الأزل، ولا زال مستعملا لحد الآن، وهذا الاسم وجد في اللهجة الأمازيغية مكون من شطرين، لكن ذا معنى مختلف، فالروايات الشائعة عند أهل المنطقة، أن هذا المصطلح مكون من “تمس” أو تِمَسِّ” التي تعني باللجهة المحلية النار، ثم “مان” آتية من الماء نسبة إلى كثرة الأودية التي تخترق تمسمان، خصوصا واد أمقران الذي كان دائم الجريان على خلاف ما هو عليه الآن، إذ أصبح واداً موسميا، بالإضافة إلى العيون التي كانت منتشرة في كل البقع والأماكن، أما تِمَسِّ أو النار فترجع الروايات أن سبب تسميتها يعود إلى كثرة كرم أهل المنطقة، وكون موقد نار المطبخ كان دائم الاشتعال، فجمعيت الخاصيتان لتعطي لنا إسم “تمسمان” وبالتالي فالاسم كناية على الجود والكرم وحسن الضيافة، وهي صفة لازالت تلازم سكانها لحد الآن، وغالبا ما تعرف تسمان “بالخبز والأمان” ([1]) .


وفي نفس الرواية نجدها عند الرحالة أوجست موليراس في كتابه ” المغرب المجهول” والذي عزز روايته بقوله “إن تمسمان تستحق هذا الإسم، فأينما حفرنا الأرض ينبع الماء([2]


كما نجد مصطلح تمسمان يحمل معنى آخر وهي” تَمَسْ” أي ما قارب و”أمان” أي الماء([3]).


كما نجد مصطلح تمسمان يحمل معنى آخر وهي” تَمَسْ” أي ما قارب و”أمان” أي الماء([4]).


وقد يكون كذلك مصطح تمسمان حسب أحمد الطاهري له علاقة مع موقع “أمسا” الذي يرجع إلى القرن 8 ق.م. حيث وجدت بعض المخالفات الفينيقية و “تامسمان” إذا ما اعتبرنا الإسم مركبا من “تامسا” بتاء التأنيث إحالة على المدينة و “مان” التي قد تعني بلغة أهل البلد القريبة من الماء. ([5])


كما أن أمسا وجد في اللهجة الأمازيغية، وهو نوع من العشب ينتشر بكثرة داخل تمسمان لا سيما فوق المقابر، ويعرف بالشمار، وبالتالي قد يكون هذا النوع من العشب له علاقة بمصطلح تمسمان، إذا ما اعتمدنا على التقسيم الذي أعطاه أحمد الطاهري لهذا المصطلح.

لكن الرواية التي هي مخالفة للروايات السابقة رجحت هذا المصطلح إلى نوع من الطائر كان منتشرا بكثرة داخل هذه المنطقة ويعرف بالسمان، لكنه تعرض للانقراض، وقد رجحت الرواية نفسها أن سبب انقراضها راجع إلى الغازات السامة التي استعملتها إسبانيا أثناء غزوها لهذه المنطقة.


لكن كيفما كان الحال فإن مصطلح تمسمان قد يكون له علاقة مع الموقع الفينيقي “أمسا” نظرا لاكتشاف بعض اللقى مؤخرا والتي يعود تاريخها إلى الفترة الفينيقية.





--------------------------------------------------------------------------------



([1]) قول عبد الرحمن المجدوب.


([2]) أوجيست موليراس: المغرب المجهول، اكتشاف الريف. ترجمة عز الدين الخطابي، الجزء الأول 2007، ص: 111.


([3]) التمدن والتعمير في جبال الريف، منشورات مجموعة البحث الجغرافي حول جبال الريف، سلسلة دراسات مجالية رقم 1، ص: 12.


([4]) التمدن والتعمير في جبال الريف، منشورات مجموعة البحث الجغرافي حول جبال الريف، سلسلة دراسات مجالية رقم 1، ص: 12.


([5]) أحمد الطاهري، فصول منسية من تاريخ المغرب: إمارة بني صالح في بلاد انكور، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1998م.



مقتطف من بحث أضواء على تمسمان للطالب محمد شروح

في الحقيقة لم يكن موليراس رحالة، بل لم يدخل المغرب، ولقد اعتمد على المسمى محمد بن الطيب، كما أشار إلى ذلك في غير ما موضع من كتابه، ولذا وجب التنبه للمعلومات الواردة في الكتاب / الأصل، رغم توفره على معلومات مهمة، فمن خان أمته لمصلحة مولاه كما كان يسميه [مولاي راس]، فكيف لا يخون أمرا التاريخ والجغرافيا وأمورا أخرى.
وعليه فلا يأخذ المعلومة من الكتاب إلا من كان ذا علم وحنكة وحكمة.
وإن كان متسع من الوقت في قابل الأيام سنعود إلى الموضوع بشيء من التفصيل.

شكرا